کد مطلب:145513 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:232

خروج مسلم لحرب عبیدالله بن زیاد
وفی «اللهوف»: قال السید قدس سره: لما بلغ مسلما خبر هانی ء و ما جری علیه خرج بمن بایعه الی عبیدالله بن زیاد لعنه الله فتحصن منه بقصر دار الامارة، و اقتتل أصحابه و أصحاب مسلم رضی الله عنه [1] .

و فی روایة المفید رحمه الله: لیس مع ابن زیاد فی القصر الا ثلاثون رجلا من الشرط و عشرون رجلا من أشراف الناس و أهل بیته و خاصته [... و تكلم كثیر] حتی كادت المشس أن تجب [2] .

ثم قال السید رحمه الله: و جعل أصحاب عبیدالله بن زیاد لعنه الله الذین معه فی القصر یتشرفون منه و یحذرون أصحاب مسلم علیه السلام و یتوعدونهم بأخبار [3] الشام، فلم یزالوا كذلك حتی جاء اللیل.

فجعل أصحاب مسلم علیه السلام یتفرقون عنه، و یقول بعضهم لبعض: ما نصنع بتعجیل الفتنة، و ینبغی أن نقعد فی منازلنا و ندع هؤلاء القوم حتی یصلح الله ذات بینهم [4] .


و فی روایة المفید: كانت المرأة تأتی ابنها أو أخاها فتقول: انصرف؛ الناس یكفونك، و یجی ء الرجل الی ابنه و أخیه فیقول: غدا یأتیك أهل الشام، فما تصنع بالحرب والشر؟ انصرف، فیذهب به فینصرف [5] .

ثم قال السید رحمه الله: فلم یبق معه سوی عشرة أنفس، فدخل مسلم علیه السلام المسلم لیصلی المغرب، فتفرق العشرة عنه، فلما رأی ذلك خرج وحیدا فی دروب [6] الكوفة حتی وقف علی باب امرأة یقال لها: طوعة، فطلب منها ماءا، فسقته [7] .

و فی روایة المفید: و أدخلت الاناء، ثم خرجت فقالت: یا عبدالله! ألم تشرب؟

قال: بلی.

قالت: فاذهب الی أهلك.

فسكت، ثم أعادت مثل ذلك، فسكت، ثم قالت فی الثالثة: سبحان الله! یا عبدالله! قم عافاك الله الی أهلك، فانه لا یصلح لك الوقوف علی بابی، و لا احله لك.

فقام و قال: یا أمة الله! مالی فی هذا المصر أهل و لا عشیرة، فهل لك فی أجر و معروف [8] ، و لعلی مكافئك بعد هذا الیوم؟

قالت: یا عبدالله! و ما ذاك؟


قال: أنا مسلم بن عقیل، كذبنی هؤلاء القوم، و غرونی و أخرجونی.

قالت: أنت مسلم؟!

قال: نعم.

قالت: ادخل.

فدخل الی بیت دارها غیر البیت التی تكون فیه، و فرشت له و عرضت علیه العشاء، و لم یتعش، و لم یكن بأسرع من أن جاءها ابنها فرآها تكثر الدخول فی البیت و الخروج منه [9] .

و فی «المنتخب»: أنكر الولد شأن امه، و سألها عن ذلك، [فنهرته] فألح علیها فی المسألة، فأخذت علیه العهد، فأخبرته فأمسك عنها و أسر ذلك فی نفسه الی أن طلع الفجر، و اذا بالمرأة جائت الی مسلم علیه السلام بماء لیتوضأ، و قالت له: یا مولای! ما رأیتك رقدت فی هذه اللیلة؟

فقال لها: اعلمی أنی رقدت رقدة، فرأیت فی منامی عمی امیرالمؤمنین علیه السلام و هو یقول: ألوحا ألوحا، العجل العجل، و ما أظن الا أنه آخر أیامی من الدنیا [10] .

ثم قال المفید رحمه الله: و لما تفرق الناس عن مسلم بن عقیل علیه السلام طال علی ابن زیاد لعنه الله و جعل لا یسمع لاصحاب ابن عقیل صوتا كما كان یسمع قبل ذلك، فقال لأصحابه: أشرفوا فانظروا هل ترون منهم أحدا؟

فأشرفوا فلم یروا أحدا.


قال: فانظروا لعلهم تحت الظلال قد كمنوا لكم، فنزعوا تخاتج المسجد، و جعلوا یخفضون بشعل النیران فی أیدیهم و ینظرون، فكانت أحیانا تضی ء لهم و أحیانا لا تضی ء كما یردون، فدخلوا القنادیل و أطنان القصب تشد بالحبال، ثم تجعل فیها النیران، ثم تدلی حتی تنتهی الی الأرض.

ففعلوا ذلك فی أقضی الظلال و أدناها و أوسطها حتی فعل ذلك بالظلة التی فیها المنبر، فلما لم یروا شیئا أعلموا ابن زیاد لعنه الله بتفرق القوم.

ففتح باب السدة التی فی المسجد، ثم خرج فصعد المنبر، و خرج أصحابه معه، فأمرهم فجلسوا قبیل العتمة و أمر عمرو بن نافع، فنادی: ألا برئت الذمة من رجل من الشرط أو العرفاء و المناكب أو المقاتلة صلی العتمة الا فی المسجد.

فلم یكن الا ساعة حتی أمتلأ المسجد من الناس.

ثم أمر منادیه فأقام الصلاة و أقام الحرس خلفه، و أمرهم بحراسته من أن یدخل علیه أحد یغتاله، و صلی بالناس.

ثم صعد المنبر فحمدالله و أثنی علیه، ثم قال:

أما بعد؛ فان ابن عقیل السفیه الجاهل قد أتی ما قد رأیتم من الخلاف و الشقاق فبرئت ذمة الله من رجل وجدناه فی داره، و من جاء به فله دینه، اتقوا الله عباد الله و ألزموا طاعتكم و بیعتكم، و لا تجعلوا علی أنفسكم سبیلا.

یا حصین بن نمیر! ثكلتك امك؛ ان ضاع باب سكة من سكك الكوفة، و خرج هذا الرجل و لم تأتنی به، و قد سلطتك علی دور أهل الكوفة، فأبعث مراصد علی أهل السكك [11] و دورهم، و أصبح غدا فاستبرء الدور و جس خلالها


تأتینی بهذا الرجل.

و كان الحصین بن نمیر علی شرطه، و هو من بنی تمیم. ثم دخل ابن زیاد القصر و قد عقد لعمرو بن حریث رأیة، و أمره علی الناس.

فلما أصبح جلس مجلسه و أذن للناس فدخلوا علیه، و أقبل محمد بن الأشعث فقال: مرحبا بمن لا یستغش و لا یتهم، ثم أقعده الی جنبه.

و أصبح ابن تلك العجوز فغدا الی عبدالرحمان بن محمد بن الأشعث فأخبره بمكان مسلم بن عقیل علیه السلام عند امه، فأقبل عبدالرحمان حتی أتی أباه و هو عند ابن زیاد لعنه الله فساره، فعرف ابن زیاد سراره، فقال له ابن زیاد لعنه الله بالقضیب فی جنبه: قم فأتنی به الساعة.

فقام و بعث معه قومه، لأنه قد علم أن كل قوم یكرهون أن یصاب فیهم مثل مسلم بن عقیل علیه السلام.


[1] اللهوف: 119.

[2] الارشاد: 2 / 52 و 53.

[3] في المصدر: بجنود.

[4] اللهوف: 119.

[5] الارشاد: 54 / 2، عنه البحار: 350 / 44.

[6] في المصدر: في سكك.

[7] اللهوف: 119.

[8] المعروف: العرف، «منه رحمه الله».

[9] الارشاد: 2 / 54 و 55، عنه البحار: 350 / 44.

[10] المنتخب: 415.

[11] في البحار: علي أهل الكوفة.